سنوحى المصرى ...... ابن الجميزة .... (الجزء الأول)

تعتبر قصة سنوحى المصرى من أعظم الأعمال الأدبية فى تاريخ مصر و العالم , و هى عبارة عن قصة كتبت بأسلوب شعرى يحكى كاتبها قصة حياته على لسانه و يقول أنه سجل قصته هذه على جدران مقبرته , و لكن لم يعثر الأثريون حتى الآن على دليل أركيولوجى نستطيع منه معرفة ان كان سنوحى المصرى شخصية حقيقية أم لا , و لكن من المؤكد أن هذه القصة كتبت فى القرن العشرين قبل الميلاد .




 


 


 


كانت قصة سنوحى المصرى هى النص الأكثر نسخا فى الحضارة المصرية بعد كتب العالم الآخر (سجلت على 6 برديات و 26 قطعة أوستراكا) , فقد عثر علماء الآثار على برديتين تعودان الى الأسرة ال 12 و ال 13 تحويان القصة بالكامل . و فى الأسرة ال 19 و ال 20 كان المعلمين يدربون التلاميذ على الكتابة باعادة نسخ قصة سنوحى المصرى على الألواح الحجرية و قطع الأوستراكا , و قد عثر علماء الآثار على العديد من قطع الأوستراكا تحوى أجزاء من قصة سنوحى و هناك لوحة الأشموليين التى سجلت عليها القصة كاملة . كانت قصة سنوحى هى القصة الأكثر شعبية و انتشارا فى مصر لقرون طويلة , و لم يقتصر حفظها على التدوين فقط , بل هناك من يعتقد أنها كانت تمثل تمثيلا دراميا فى بعض المناسبات مثل قصة ايزيس و أوزوريس .تحمل قصة سنوحى المصرى طابعا انسانيا , و تتناول مفاهيم كونية مثل الرحمة الالهية , و غربة الانسان فى العالم المادى و حنينه الدائم للعودة الى الوطن / الأصل / عالم الروح الذى اغترب عنه , ما جعل بعض المؤرخين يطلقون على سنوحى المصرى لقب "شكسبير مصر" .كان سنوحى قائدا فى جيش الملك "أمين – ام – حات" الأول مؤسس الأسرة ال 12 (حوالى 1800 قبل الميلاد) , و كان فى بعثة عسكرية الى الحدود الغربية لمصر بصحبة الأمير "سن – أوسرت" ابن الملك "أمين – ام – حات" , حين أتت الأنباء بوفاة الملك فى ظرف غامضة توحى باحتمال تعرضه للاغتيال . كان سنوحى واقفا أثناء نقل الرسول الأنباء للأمير , و كانت تلك هى اللحظة الفارقة فى حياة سنوحى , حيث انتابه شعور غريب من الرهبة و الخوف جعله يترك مصر و يهرب الى مملكة "ريتينو" (سوريا و فلسطين) ليعيش هناك سنوات طويلة الى أن أصبح شيخا عجوزا , و طوال هذه السنوات يعذبه الحنين الى الوطن حتى تحققت أمنيته الغالية بالعودة الى أرض مصر قبل وفاته ليدفن فيها على الطريقة المصرية .و تعتبر قصة سنوحى من أقدم أشكال الرواية فى التاريخ , و ان كانت تخلو من الحبكة الدرامية و الصراع , باستثناء الجزء الأول من القصة و ما فيه من غموض و رهبة , و أيضا باستثناء موقف المصارعة الشهير بين سنوحى و المصارع الآسيوى الذى لم يرد اسمه فى القصة و ان كان هذا المشهد من أهم أجزاء القصة . فقد قارن عالم المصريات ويليام كيلى سيمبسون (William Kelly Simpson) فى كتابه (The Literature of Ancient Egypt) بين هذا المشهد و قصة الصراع بين داود و جالوت الذى ظهرت بعد ذلك فى التوراه .تحكى قصة سنوحى أنه لما علا شأنه فى مملكة ريتينو و أصبح مقربا من ملكها و قائدا لجيشه و زوجا لابنته أثار ذلك غيرة و حقد البعض و منهم أحد المصارعين الذى اشتهر بالضخامة و القوة . حقد المصارع الآسيوى على سنوحى فهدده بأنه سيصارعه و يقتله و يسلب ممتلكاته . فقبل سنوحى التحدى و أمضى الليل قبل لقاء المصارعة فى التدريب على القوس و السهم و شحذ خنجره و تلميع درعه و الاستعداد للدفاع عن نفسه ضد هذا الحاقد الذى يريد قتله و سلب ممتلكاته . و لما أشرقت الشمس اجتمع سكان مملكة ريتينو و على رأسهم الملك ليشهدوا المصارعة .... وكان يوما مشهودا . كان المصارع الآسيوى أضخم و أقوى من سنوحى بكثير و لكن ذلك لم يخيف سنوحى الذى استبسل و أحسن استخدام أسلحته و عرف كيف يتفادى ضربات المصارع الآسيوى بمهارة و رشاقة الى أن أجهز عليه , و بعد ان تخلص منه آلت كل ثروة المصارع الآسيوى من قطعان ماشية الى سنوحى . و على الباغى تدور الدوائر , فالمصارع الآسيوى طمع فى ما فى يد سنوحى و و أراد سلبه فخسر حياته و خسر كل شئ .كان ذلك اليوم يوما مشهودا أجتمع له كثير من سكان المملكة و يبدو أنه ترك أثرا كبيرا فى تراث القصص الشعبى لدول الشرق الأوسط , الى ان ظهر بعد ذلك فى التوراه فى قصة صراع داود و جالوت