تابع سليمان

في التراث اليهودي - توليه الملك

الملك داوود وأبيشج الشونمية

ورد في سفر الملوك الأول أن داوود عندما كبر في السن لم يعد بإستطاعته الشعور بالدفء فعرض عليه مستشاريه تزويجه من فتاة صغيرة وجميلة لعلها تدفئ داوود في شيخوخته ووجدوا فتاة إسمها " ابيشج الشونمية" لتقوم بهذا الغرض. وكان لداوود عدد من الأبناء حينها هم أدونيا وأبشالوم وأمنون وشفطيا ويثرعام وكيلاب وأعلن أدونيا نفسه ملكا على إسرائيل خلال شيخوخة أبيه وهو ماحز في نفس النبي ناثان الذي كان مستشارا لداوود. فهرع ناثان إلى أم سليمان مخبرا إياها بفعلة أدونيا وحثها على الذهاب إلى داوود وذلك لسببان، أن يهوه أراد أن سليمان أن يبني الهيكل عقب وفاة داوود والسبب الثاني هو وعد داوود لزوجته أو أمته حقيقة كما ورد في السفر بتسليم سليمان الملك رغم أن أدونيا هو أكبر أبناء الملك داوود الأحياء إلا إنه كان مدللا ومغرورا ولم يلق قبولا من الكهنة والأنبياء
فقال داوود لبتشبع والدة سليمان، والنبي ناثان والكاهن صادوق:

   
سليمان
حي هو الرب الذي فدى نفسي من كل ضيقة، انه كما حلفت لك بالرب اله اسرائيل قائلا ان سليمان ابنك يملك بعدي وهو يجلس على كرسيي عوضا عني كذلك افعل هذا اليوم .. خذوا معكم عبيد سيدكم واركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به الى جيحون، وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا على اسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليحيى الملك سليمان، وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني واياه قد اوصيت ان يكون رئيسا على اسرائيل ويهوذا
   
سليمان
سفر الملوك الاول 29:1-35
فلما سمع أدونيا صوت الأبواق والمزامير تفرق جمعه عنه وهرب أدونيا وتمسك بقرون المذبح خوفا من سليمان مطالبا إياه بالحلف ألا يقتله بالسيف فقال سليمان:

   
سليمان
إن كان ذا فضيلة لا يسقط من شعره الى الارض.ولكن ان وجد به شر فانه يموت
   
سليمان
فأنزلوه من المذبح وسجد أمام سليمان الذي عفى عنه ورده إلى بيته. ولما إستوى الملك لسليمان عقب وفاة داوود توجه أدونيا إلى أم سليمان مطالبا إياها بالتوسط عنده ليزوجه "أبيشج الشونمية" إلا أن الطلب قوبل بالرفض وأرسل سليمان قائد جيشه المدعو بنياهو بن يهوياداع لقتله وبذلك تخلص سليمان من أخاه وكل تهديد ضد ملكه 

سياسته

سليمان وزوجته المصرية
كان سليمان يحكم بشكل مطلق كونه مختار من يهوه وتمكن من توسيع سلطانه عبر التزواج مع عدد من بنات ملوك الممالك المجاورة مثل إبنة الفرعون المصري الغير مسماة في النصوص العبرية وأعتبر الزواج حلفا سياسيا بين مملكة إسرائيل ومصر  حسب كتابات اليهود، فإن سليمان تزوج من إبنة الفرعون المصري ويذكر العهد القديم أن الفرعون المصري الغير مسمى قام بإحتلال "جازر " ضمن مدينة الرملة الفلسطينية حاليا وقام بإبادة الكنعانيين وذكر في النص أن المدينة أصبحت لسليمان عقب غزوة الفرعون المصري 
تزوج كذلك من إبنة ملك مملكة عمون وصيدا ومؤاب وإزدهرت مملكة إسرائيل بسبب العلاقات التجارية والسياسية مع هذه الممالك ويذكر العهد القديم أن كل ملوك الأرض أتت لتستمع لحكمة سليمان وتتعلم منه ويأتونه بالذهب والهدايا كل سنة بل جعل شعوب كنعان كلها عبيد مسخرة له ولبني إسرائيل ولم يستعبد أحد من العبرانيين لإنهم "رجال قتال" على ماورد في العهد القديم

علاقته بملكة سبأ


لاتوجد إشارة في الكتاب المقدس إلى زواج بين سليمان وملكة سبأ. ورد في سفر الملوك الأول بالإصحاح العاشر، أن ملكة سبأ الغير مسماة سمعت بحكمته في جملة ملوك الأرض التي سمعت بها كذلك إلا أنها أرادت أن "تمتحنه بمسائل"، فقدمت عليه بقوافل كبيرة تحمل ذهبا وأطيابا وأقرت بحكمة وعظمة ملك سليمان وأن مارأته بعينها فاق الأوصاف والأخبار التي وردت عليها عنه حسب التراث اليهودي، فإن الملكة قدمت على سليمان وسألته أسئلة وأختبرته بألغاز وأحاجي كثيرة حتى أيقنت أن مالدى سليمان من الحكمة والثراء الممنوحة له من إلهه يفوق مالديها  وحسب بعض التقاليد اليهودية، فإن سليمان تزوج منها وأنجبت إبنا إسمه بن صيرة 

حكمته

أحد أبرز الصفات التي أشتهر بها سليمان هي الحكمة وورد ذلك في العهد الجديد والقرآن كذلك. وأشهر قصص العهد القديم بشأن حكمته تظهر في قصة المرآتان المتخاصمتان على رضيع. حلم سليمان ذات ليلة وتراءى له أنه يحدث يهوه فشكره على رحمته بأباه داوود وأن مكن له في الملك عقب وفاته رغم صغر سنه فباركه يهوه بأن منحه حكمة وملكا لم يعطى لأحد قبله ولن يحظى به أحد من بعده :
   
سليمان
في جبعون ترائى الرب لسليمان في حلم ليلا.وقال الله اسال ماذا اعطيك. (6) فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم. (7) والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. (8) وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. (9) فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. (10) فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر. (11) فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم (12) هوذا قد فعلت حسب كلامك،هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك. (13) وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك. (14) فان سلكت في طريقي وحفظت فرائضي ووصاياي كما سلك داود ابوك فاني اطيل ايامك. (15) فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء الى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده
   
سليمان
قصة "حكم سليمان" في الزانيتين والطفل الرضيع
يحكي العهد القديم قصة الزانيتان في سفر الملوك الأول وهي أشهر القصص الدالة على حكمته حسب التراث اليهودي. دخلت إمرأتان على سليمان وكانتا متزوجتين من أخوان ويعيشان في بيت واحد. نامت إحداهما ليلا مع رضيعه وقتلتها خطأ ويبدو من الوارد في التوارة أنها نامت عليه دون تشعر فأدى ذلك إلى وفاته. فقامت في حين غفلة من المرأة أخرى وأخذت إبنها ووضعت الرضيع الميت مكانه إلا أن الحيلة لم تنطلي على المرأة لمعرفتها بإبنها وقرروا الإحتكام لدى سليمان. سمع سليمان حجج المرأتين وكلتيهما يدعيان أمومة الطفل فنادى على سياف وأمره بشق الطفل إلى نصفين ليحل الخلاف، فأضطربت والدة الطفل الحقيقية وسألت سليمان أن لا يقتله ويعطيه لغريمتها بينما كان رد الأخرى جافا ووافقت على شق الطفل لكي لايكون لأيهما. حينها علم سليمان أيهم أم الطفل الحقيقية وهي تلك التي آثرت أن تفقد طفلها على أن تراه يقتل.
   
سليمان
فاستيقظ سليمان واذ هو حلم.وجاء الى اورشليم ووقف امام تابوت عهد الرب واصعد محرقات وقرب ذبائح سلامة وعمل وليمة لكل عبيده (16) حينئذ اتت امراتان زانيتان الى الملك ووقفتا بين يديه. (17) فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي.اني انا وهذه المراة ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت. (18) وفي اليوم الثالث بعد ولادتي ولدت هذه المراة ايضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا نحن كلتينا في البيت. (19) فمات ابن هذه في الليل لانها اضطجعت عليه. (20) فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها واضجعت ابنها الميت في حضني. (21) فلما قمت صباحا لارضع ابني اذا هو ميت.ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته. (22) وكانت المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت.وهذه تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي.وتكلمتا امام الملك. (23) فقال الملك هذه تقول هذا ابني الحي وابنك الميت وتلك تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي. (24) فقال الملك ايتوني بسيف.فاتوا بسيف بين يدي الملك. (25) فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا للاخرى. (26) فتكلمت المراة التي ابنها الحي الى الملك.لان احشاءها اضطرمت على ابنها.وقالت استمع يا سيدي.اعطوها الولد الحي ولا تميتوه.واما تلك فقالت لا يكون لي ولا لك.اشطروه. (27) فاجاب الملك وقال اعطوها الولد الحي ولا تميتوه فانها امه. (28) ولما سمع جميع اسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك خافوا الملك لانهم راوا حكمة الله فيه لاجراء الحكم
   
سليمان
ملك الجن والعفاريت "آشماداي"

وحسب التقاليد اليهودية وغيرها من الثقافات المتأثرة بتراثهم، فإن سليمان يعتبر أحد أشهر حكماء ماعرف بأدب الحكمة في التاريخ وكثير من الأمثال والحكم في كتب أبوكريفا والأسفار القانونية الثانية وسفر يشوع بن سيراخ وسفر الجامعة وتلك الكتابات المتعلقة بالحب والغزل كنشيد الأنشاد منسوبة أو مبنية على الأفكار والتراث الذي خلفه سليمان 

علاقته بالجن وأعماله الإصلاحية

ورد في سفر طوبيا إسم ملك من العفاريت وهو حسب التراث العبري، عفريت متعة ومسؤول عن بيوت اللعب اللهو وأضيف في الأدب المسيحي إلى قائمة أمراء الجحيم السبعة  حسب التلمود، هو أحد هولاء الجن والعفاريت المقربين من إبليس ويهوه في المحكمة الإلهية ومسؤول عن إلحاق الضرر بهولاء الذين لايلتزمون بتعاليم الكوشر وهو أحد العفاريت التي ساعدت سليمان على بناء الهيكل 
القرآن لم يذكره ولكنه ذكر عن تحكم سليمان بالجن والعفاريت وأعمال البناء التي كانوا يقومون بها لأجله وحسب التراث اليهودي، فإن الهيكل بني في أورشليم في أرض يقال لها "بيدر" إشتراها داوود لتكون مقر تابوت العهد وهو المكان الذي ترائ لموسى في "البرية"  ولم يبني داوود الهيكل وأنصاع لرغبة إله إسرائيل بأن يتم بناء الهيكل في عهد إبنه سليمان. ولمدة ثلاثة عشر سنة، بني سليمان عددا كبيرا من المعابد حسب الوارد في الأسفار منها بنائه لميناء في إدوم وبناء ثكنة عسكرية في تدمر كذلك.

وفاته وإنقسام مملكته

توفي سليمان بعد أربعين سنة من الحكم المطلق ثلاثة وثلاثون منها كان على إسرائيل و يهوذا وسبعة على مدينة الخليل ومات ميتة طبيعية وخلفه إبنه رحبعام. تروي التوراة أن من أسباب إنقسام المملكة هو تعلق سليمان بنساء من الأغيار مثل إبنة الفرعون المصري التي أغوت قلبه بإتباع آلهة مصر القديمة وبنى سليمان عدد من المعابد لتقديس هذه الآلهة بل كانت أكثر زوجاته الثلاثمائة تأثيرا وهناك شبه إجماع بين التوراتيين أنها المرأة المعنية في نشيد الأنشاد والزواج من الأغيار ممنوع حسب النصوص الدينية اليهودية
 فأثرت أؤلئك النسوة على توجهات سليمان وإيمانه فورد في سفر الملوك أن تعلقه بإله إسرائيل لم يكن كتعلق والده داوود وأن قلبه مال لإلهة الصيدونيين ( الفينقيين) عشتروت مما أثار غضب يهوه ووعد بتمزيق مملكته تمزيقا في عهد إبنه رحبعام، والسبب في تأجيل العقوبة هو إحترام يهوه لداوود
   
سليمان
وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موابيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات. من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون إليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء الهتهم.فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة. وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء الهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه كقلب داود ابيه. فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب ولم يتبع الرب تماما كداود ابيه. حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموابيين على الجبل الذي تجاه اورشليم.ولمولك رجس بني عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لالهتهن. فغضب الرب على سليمان لان قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذي تراءى له مرتين. واوصاه في هذا الامر ان لا يتبع الهة اخرى.فلم يحفظ ما اوصى به الرب. فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي اوصيتك بها فاني امزق المملكة عنك تمزيقا واعطيها لعبدك. الا اني لا افعل ذلك في ايامك من اجل داود ابيك بل من يد ابنك امزقها. على اني لا امزق منك المملكة كلها بل اعطي سبطا واحدا لابنك لاجل داود عبدي ولاجل اورشليم التي اخترتها
   
سليمان
— سفر الملوك الاول 1:11-14