حضارات اليمن : الجيش

جزء من لوحة مكسورة يظهر مقاتل على فرس ممسكا درعا وخلفه أحد المشاة بفأس ودرع

يشار إلى الجنود بلفظة "أسد" في نصوص المسند وتضاف عبارات مثل "أسدم ملكن" ويقصد بها القوات النظامية التابعة للملك فقد كان الأقيال والسادة يستعملون قواتهم الخاصة فتضاف العبارة لتمييز جنود الدولة عن غيرهم من المقاتلين والمرتزقة الذين يعملون للطبقات الثرية كانت القوات مخصصة ومدربة على قتال الأعراب تحديدا كونهم الأقرب إلى اليمن فتعلم اليمنيون كيفية قتالهم فلم تكن جيوش اليمن جيوش توسعية بل هدفها الرئيسي هو تأمين الطريق التجارية من غزوات الأعراب على المتاع  ويستدل على الطبيعة الدفاعية للجيوش كثرة النصوص الواردة عن تسوير المدن التي تغلق أبوابها ليلا ويسهر على مراقبتها جنود على الأبراج أو المحافد. وهدف بناء هذه الأسوار والأبواب هو لمنع دخول أو خروج أي أحد دون دراية الجنود  وهي نفس التنظيمات التي أستخدمت في الممالك الأخرى المتصلة باليمن في قرية الفاو وديدان ويثرب  ويشار إلى الحصون بلفظة "تمنع" عند السبئيين و"مصنعت" (مصنعة) عند الحميريين وقد اشتهرت المصانع الحميرية ولا زالت آثار بعضها باقية مثل "مصنعة مارية" في ذمار ولا يزال اليمنيون يسمون الحصون باسم "مصنعة" ولفظة "نفوت" كذلك وهي نفس اللفظة المستخدمة في اللغة العبرية أما الحراس على الأبراج فيطلق عليهم "مسجة" بلغة السبئيين أو "مسكت" ومفردهم "مسكم" وتعني الماسك  أما الكتائب الصغيرة ذات النظام العشري يطلق عليها لفظة "منسرة" في اللغة القديمة وهي قوات مدربة على تعقب الأعراب في الصحراء، فكل "منسرة" لاتقل عن خمسة مقاتلين ولاتتجاوز المئة ومرد ذلك مقاتلة الأعراب بطريقتهم في الفر والكر والغزو على دفعات لإيهام العدو أن مددهم لا ينقطع ونجح هذا الأسلوب في تعقب الأعراب الذين يغزون القوافل أو يحاولون التطاول عبر أسوار المدن لإن الأعراب يقاتلون بهذه الطريقة فإن وجدوا صبرا من الجيش المعادي فروا من أرض المعركة ويقال لعمليات هذه القوات "غزتس منسرت" في اللغة القديمة  وأستعمل السبئيون الخيول ويشار إلى راكبها بلفظة "فرس" (فارس) أما المقاتل على ظهور الجمال فيقال له "ركب" (راكب أو ركبان) وكان لديهم آلات ودبابات ولكنهم لم يستعملوها ضد الأعراب بل لقتال الممالك الأخرى أو لشن حملات عسكرية أو "برث" بلغة المسند ضد ممالك أخرى منظمة  وقد تكون هذه القوات مجموعة من الفلول تعرف باسم "أحزب" (عصابات) مهمتها إشغال العدو من عدة جهات فيتفرق الجيش المعادي ويسهل على الغزاة اختراقه  وأستعمل الجنود الحواجز أو "حجزت" لإعاقة تقدم الأعداء وحصارهم في المضايق ثم مهاجمتهم بالسهام من الأعالي يقود الملوك جيوشهم أحيانا كما كان من كرب إيل وتر وشمر يهرعش ولكن الغالب أن مهمة قيادة الجيش توكل إلى شخص برتبة "مقتوى" أو "قاسد" وهي رتب عسكرية لقادة الجيش أو الكتائب  ويشار إلى النصر بكلمة "شرح" في اللغة القديمة ويظهر هذا الفعل بكثرة في الأسماء مثل اسم شراحيل وهي "شرح إيل" أي نصر الإله إيل أما الهزيمة فهي "ضويم"أما الغنائم فهي "غنمت" حسب كتابات المسند  وكانوا يستعملون أدلاء يشار إليهم بلفظة "دليل" وجمعهم "دلول" مهمتهم جمع المعلومات عن الطريق الموصلة لمواقع الأعداء ويقال لقائد مقدمة الجيش "قدم" (مقدم)
رغم الوارد عن سيطرة حميرية على سواحل أفريقيا الشرقية فإن علم الباحثين بقوات بحرية ضئيل ويستبعد أنه كان للحميريين أساطيل قوية كتلك التي كانت موجودة عند الرومان وأغلب الظن أنهم أستطاعوا التوغل في أفريقيا عن طريق قوارب صغيرة تحمل المقاتلين فالمسافة بين باب المندب وأفريقيا ليست بعيدة  الملاحظ في تركيبة الجيش هو اعتمادهم على "التجميع" فلا توجد دلائل أن هناك تدريبات نظامية أو قوات مستعدة للقتال في أي لحظة كانت موجودة باستثناء تلك التابعة للملك، فوجود المرتزقة والقوات التابعة لأقيال وزعماء القبائل شكل مايشبه قوى الضغط على الحكومة. فلم يهتم الملوك بإنشاء قوات مدربة لموقع اليمن الجغرافي فلم تكن هناك حاجة لليمنيين بالتوجه شمالا والإقتتال مع ممالك أخرى والسيطرة على سواحل أفريقيا المجاورة أو مناطق في الصحراء العربية لم يكن بحاجة إلى جهد كبير منهم فهي بلاد غير متطورة بالقياس معهم في تلك الأزمان  فأكتفى الملوك بجمع وحشر القبائل والمرتزقة والعبيد لإخماد الثورات أو الإقتتال مع ممالك مجاورة للسيطرة على الطريق التجارية. فعند تطوير الرومان لأساطيلهم البحرية واكتشافهم للرياح الموسمية، فقد اليمنيون سيطرتهم على سواحل أفريقيا في القرن الأول بعد الميلاد لإن الملوك إهتموا بالتجارة فحسب عكس الرومان وأضرابهم  ولا زال نظام كهذا يتبع في اليمن حيث تعتمد الحكومة على القبائل والتحالفات في كثير من حروبها إلى جانب القوات الرسمية ولكن كحال اليمن القديم، فإن ولاء هذه القبائل لايكون إلى جانب الحكومة دائما.

سرقة الآثار اليمنية

الكثير من الآثار اليمنية القديمة يتعرض للتهريب ويباع في مزادات علنية حول العالم بل وعلى شبكة الإنترنت كثير من المواقع الأثرية لا تشرف عليه حراسة بل إن البعثات الأثرية نفسها لاتستطيع أن تقوم بعملها بسبب الاضطرابات القبلية وعدم إدراك البدو لأهمية وقيمة هذه الآثار في مأرب والجوف وغيرها فبالكاد يجازف لصوص الآثار للحصول على مطامعهم في اليمن وكثير من محاولات التهريب تحدث من قبل السياح

0 comments: