إدورد جلازر
كان للنمساويين الصدارة في دراسة النصوص اليمنية القديمة وأشهر هولاء المستشرق إدورد جلازر الذي جمع خلال زياراته الثلاث إلى اليمن حوالي 1032 نقشا قديما وبالتعاون مع صديقه الفرنسي جوزيف هاليفي الذي درس وحده 800 نقش في القرن التاسع عشر ودخل اليمن وتجول بأرجائها كيهودي متسول من فلسطين ليقي نفسه تحرشات القبائل إذ كانت القبائل لا تتعرض لفقراء أهل الذمة بسوء كانت هناك محاولات متواضعة من مستشرقين إيطاليين ودنماركيين في القرن السادس العشر إلا أنها لم تكن مثمرة. بعد الحرب العالمية الأولى، بدأ عدد من الباحثين المصريين والسوريين "كشيخ الآثريين" المصري أحمد فخري، وله كتابان عن اليمن
وتاريخها القديم، بزيارة اليمن والمشاركة في أعمال التنقيب والحفريات. أما
أول أمريكي يزور اليمن فكان الباحث ويندل فيليبس وعدد آخر من الباحثين مثل
ألبرايت وألبيرت جامه. ثم كان كتاب المؤرخ العراقي الراحل جواد علي العبيدي المعنون المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام
وفيه أبدى الدكتور جواد رأيه في كثير من المسائل وأطروحات المستشرقين فلم
يكن متوافقا معهم كليا ولا مجرد ناقل بل تناول كتابتهم وكتابات المؤرخين
العرب بالنقد والتمحيص كذلك، فهي أبحاث علمية تحتمل الخطأ والصواب. في عام 1987 قام الباحث الألماني ويرنر دوم بزيارة اليمن وتأليف كتاب "اليمن، ثلاثة آلاف سنة من الفن والحضارة في العربية السعيدة" (إنجليزية:Yemen:
3000 Years of Art and Civilisation in Arabia Felix) تطرق فيها الكاتب
لأبحاث حديثة حول تاريخ الفنون والتماثيل والمعتقدات الدينية "للعربية
السعيدة". وجهود السفير اليمني في مصر محمد عبد القادر بافقيه
وكتابه "تاريخ اليمن القديم" الذي تناول فيه المكتشف عن الممالك الأربع
بالإضافة لحِميّر وجوانب من أنظمتها الزراعية والتجارية. المكتشف من نصوص
خط المسند يمثل نسبة ضئيلة للغاية من تاريخ سبأ واليمن بشكل عام، والدراسات
قليلة وغير وافية ومعظم النقوش نُسخ من قبل سياح ومستشرقين دخلوا اليمن
متنكرين خوفاً على حياتهم ولم تتوفر لهم فرصة لدراسة النصوص والمعابد بشكل
دقيق بعيدا عن المنغصات، فضلاً أن كل المُكتشف الذي تم دراسته عثر عليه على
ظاهر الأرض، وما تحتها يتجاوز ذلك بلا شك. فهذه معوقات لا تسمح بتكوين
صورة دقيقة ومكتملة عن التطور السياسي للسبئيين وهو ما فتح بابا للجدال
واختلاف الآراء والتفسيرات حول دلالات المُكتشف من النصوص وللأسف فإن الأبحاث الآثارية الحديثة في اليمن تتعرض لمضايقات وعرقلة بسبب الاضطرابات
كتابات النسابة وأهل الأخبار يجب أن تقرأ بحذر وتمحيص شديد لإن مجال
الوضع والكذب فيها واسع فعدد كبير من الإخباريين كان يؤلف كتاباً في "فضل"
قبيلة ما ومآثرها إما تعصباً أو تكسباً بالأموال
ولاحظ الباحثين في العصر الحديث أن الموارد الإسلامية أو تلك التي دونت
بعد الإسلام تحتوي شيئاً من الصحة عن التاريخ العربي قبل الإسلام ماتعلق
الأمر بالقرن السادس الميلادي على أكثر تقدير مع ذلك لا يمكن الإعتماد على
تلك المصادر لإنها لم تعتمد على سند مدون ولا نص مكتوب بل كانت روايات
شفهية متواترة تعتمد على القيل والقال وهو حال كل كتابات المؤرخين المسلمين
للأسف فمن غير المنطقي من وجهة نظر بعض الباحثين، إدراج النسابة والإخباريين
لحوارات طويلة بين شخصيتين تاريخيتين بدون الرجوع إلى مصدر أصلي مدون عن
الحوار المزعوم فذاكرة الإنسان مهما كانت لا تحفظ نصاً واحداً بمجرد
الإستماع وإحتمالية الكذب والزيادة والوضع كبيرة في ظل ثقافة شفهية كهذه لعل أبرز نتائج هذه الثقافة الأخبار عن الإنتصارات والمفاخر بين القبائل وكلها روايات نابعة من خصومات الإفتعال والكذب فيها جلي مثل مايسميه بعض الإخباريين إنتصاف قبائل بدوية من ملوك حِميّر
وقد كان المؤرخون المسلمون يعتمدون على الشعر لإثبات حوادث تاريخية
فيزعمون أن ملكاً أو فارساً أنشد شعراً في موقعة ما وبذلك تكون الفكرة التي
أرادوا إيصالها مثبتة تاريخياً في نظرهم ووصل بهم الأمر إلى نسب أبيات
شعرية إلى آدم بل إبليس نفسه
وحتى إن نقلوا من مصادر مدونة فإنهم يقحمون آرائهم وينقلون عنها من منطلق
الواعظ والناصح ولذلك اختلف المؤرخين المسلمين عن اليونان والبيزنطيين
كثيراً، فكتابات اليونان وإن عابتها توجهات سياسية إلا أنها أكثر موثوقية
وعلى هذا فإن قصص الإخباريين والنسابة ضعيفة ماتعلق الأمر بالتاريخ العربي
قبل الإسلام عموماً والتاريخ اليمني بشكل خاص لإن اليمنيين كانوا يدونون بخط المسند
وذكروا في كتابات اليونان والبيزنطة ومع ذلك لم يكلف النسابة والإخباريين
أنفسهم الرجوع لتلك المصادر باستثناء قليل منهم كان على إطلاع على كتابات السريان حول بعض التواريخ مثل قصة ذو نواس الحِميَّري وقد تنبه مؤرخون مسلمون في عصور لاحقة لذلك وإنتقدوا أساليب من سبقهم مثل ابن خلدون ولكن من بين الإخباريين الذين بذلوا جهداً معقولاً في هذا الجانب كان المؤرخ والجغرافي اليمني أبو محمد الهمداني مؤلف صفة جزيرة العرب لإنه كان من القلائل الذين حاولوا قراءة نصوص المسند على الأقل وقد زار المواقع الأثرية بنفسه ودون مارآه وهو مجهود لم يفعله أحد من المؤرخين المسلمين ولكنه مع ذلك وقع في أخطاء فادحة
0 comments:
Post a Comment