كان كربئيل وتر
ملكا محاربا وقاسيا دأب على إحراق كل من يبدو فيه تهديدا لسلطة سبأ وكبدت
حملاته العسكرية خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات والزرع وإن قام بأعمال
إصلاحية مدونة في النقوش. دون هذا الملك كتابة طويلة يحكي فيها إنجازاته
متفاخرا عرفت الكتابة عند المتشرقين باسم "كتابة صرواح" إستبق فيها الملك
إنجازاته كاتبا :
هذا ما أمر بتسطيره كربئيل وتر بن ذمار علي مكرب سبأ عندما صار ملكًا، وذلك لإلهه المقه ولشعبه شعب سبأ |
ورد في النص شكر كربئيل للإلهة أن منحته وشعبه أرضاً طيبة وأن مكنته من
توحيد شعب سبأ دون تفرقة وتمييز وعلى مساعدته إيصال المياه إلى المرتفعات
الجبلية. ثم إبتدأ الحديث عن وقائعه ويبدأ كل جملة بعبارة "ويوم" وتمكن
الملك من توحيد البلاد وأبقى على مملكة حضرموت ومملكة قتبان زاعماً أن إلهه أمره برد أراضيهما إلى الإلهين سين وعم أكبر آلهة القتبانيين والحضارم إلا أنه هدم أسوار المدن التي لم يسجلها باسم سبأ ومرد ذلك خشيته أن تكون محطة انطلاق لثورات أو تمرد ضده
تولى ابن كرب إيل وتر الحكم وأبنائه من بعده وهيمنت سبأ على جنوب
الجزيرة العربية وبقي الملك في سلالة هذا الملك أمداً طويلاً من القرن
السابع ق.م وحتى القرن الثالث ق.م إثر إنقلاب قام به الملك وهبئيل يحز ووردت عدة نصوص في نفس الفترة عن تأديب قوات من حاشد
لبدو تطاولوا على أربابهم ملوك سبأ كما يُقرأ من النص وتم استرداد أموال
سلبها هولاء البدو وأُخذوا إلى معبد المقه بمأرب لينظر المعبد مصيرهم
وشهد القرن السابع والسادس بالإضافة إلى الحروب والتحالفات،إصلاحات
وتشييد لأبراج وقلاع وحصون وتحسين نظام الري وبناء عدد من السدود وإيصالها
ببعضها البعض. فسد مأرب هو عبارة عن عدد كبير من السدود الصغيرة المتصلة ببعضها البعض من أرحب إلى أبين وأستخدمت الأحجار الكريمة مثل البلق لبناء الأبراج (محفد) في تلك الفترة وكانت الحصون مبنية بطريقة تسمح للجنود بالإختفاء عن أنظار العدو مع وجود
ثقوب تمكنهم من إقتناص أعدائهم دون الحاجة إلى الخروج ووجد هذا النوع من
الحصون في حضرموت مثل "حصن عر" القديم والتي لا زالت آثاره وبقاياه موجودة
إلى اليوم. وكان الحضارم متفوقين في بناء السفن والموانئ وهو مالم يظهر عند
السبئيين الذين كانوا يسيطرون على الطريق التجارية البرية
أما مملكة معين، فليس من المعروف ما إذا كانت هي من يسيطر على حضرموت أم
العكس إلا أن العلاقة بين الإثنين كانت أقوى من علاقتهما بسبأ ويظهر من
النصوص القديمة أنهم كانوا يتحدثون بلهجة متقاربة كذلك أقرب من لهجة سبأ
وأستطاعوا في مرحلة ما يعتقد أنها في القرن الرابع قبل الميلاد من إخضاع
حضرموت والاستقلال عن سبأ والسيطرة على طريق البخور وإقامة ممالك تابعة على
طول الطريق أهمها مملكة ديدان ويعتقد أن يثرب المذكورة في النصوص المعينية كانت محطة تابعة لهم
فقد أتبع اليمانيون سياسة مشابهة مع الممالك الصغيرة في الصحراء العربية.
فكانوا يمولون ممالك تابعة لهم لحماية الطريق التجارية من غزوات الأعراب
على القوافل. فكانت مملكة كندة القديمة التي تعاقب على دعمها أكثر من ملك في صنعاء ومأرب من يوفر الأمان للقوافل التجارية الخارجة من اليمن إلى العراق وفارس وكانت مملكة ديدان تقوم بنفس الوظيفة ولكن للقوافل المتجهة نحو الشام ومصر ودول البحر الأبيض المتوسط وغيرها من الممالك المنتشرة على طول الطريق التجارية
لم تكن علاقة هذه الممالك في الصحراء جيدة دائما مع ممالك اليمن، فتظهر
عدد من النصوص عن استغلال سلطتهم على الأعراب لشن هجمات على قوافل خارجة من
اليمن أو عائدة إليه على حسب الظروف والمصالح
0 comments:
Post a Comment