ذمار علي يهبر الثاني ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت
انتهت الحرب الأهلية بإنتصار حاسم للحميريين بقيادة شمر يهرعش الثالث وكان على رأس السلطة في سبأ ملك يدعى رب شمس وعلى حضرموت رجل يدعى "شرحئيل" يعتقد أن شمر يهرعش إستطاع إسقاط حضرموت في نفس العام إلا أن رأيا آخر يقول أن سقوط حضرموت كان عام 300 بعد الميلاد وشهد عهد شمر عدة ثورات من أشراف وأسر سبئية بل من قبائل حميرية أخرى إستطاع قمعها وتوسع شمر يهرعش فضم تهامة وعسير وأرسل ضباطا كان بعضهم من خولان
لنجران حتى تلقب شمر بلقب "ملك سبأ وذو ريدن وحضرموت ويمنت" أي ملك سبأ
وحمير وحضرموت واليمن فيكون حسب المتقدم من الاكتشافات والنقوش أول من قام
بتوحيد ممالك اليمن القديم وإخضاعها تحت حكم مملكة واحدة ولا توجد دلائل
أنه أبقى على بعض الأقيال لتحكم أراضيها ذاتيا كما كان يفعل المكاربة
والملوك في عصور مضت قبله
قام الحميريين بترميم سد مأرب وأنهوا النزاعات وأخضعوا القبائل من جديد
فنعمت اليمن بعصر من الاستقرار مكن الحميريين من مواصلة سياسة أسلافهم
فقاموا ببناء القلاع والحصون وإمداد المرتفعات بالمياه. ورد نص يشير إلى
"كهلن" (كهلان) دونه رجلان من هذا القسم معبرين فيه عن شكرهم للمقه لإنه رفع مكانتهم عند سيدهم شمر يهرعش ولا يبدو أنهم حميريين بل كانوا ممن أخضعهم شمر يهرعش هذا وفي النص دلالة على إستتاب الأمور أخيرا بعد قرن ويزيد من الصراعات والنزاعات مع القبائل.
يعتقد أن اسم "شمر" الوارد في نقش النمارة لصاحبه امرؤ القيس بن عمرو ملك مملكة الحيرة يشير إلى شمر يهرعش. فقد توغل ملك المناذرة هذا من أطراف العراق إلى نجد حتى وصل إلى نجران
التي سماها صاحب النقش "مدينة شمر" وهي دلالة أن الملك الحميري لم يكن قد
تجاوز نجران في هذه الفترة. وإنتصر إمرؤ القيس ملك المناذرة
شكل المناذرة خطرا على الحميريين وورد في النص المنذري أن قبيلة مذحج "هربت" ويبدو أن المناذرة إستطاعوا هزيمة كندة
كذلك وهو سبب وجودهم في جيش الحميريين الذي إسترد كل المواقع التي غزاها
إمرؤ القيس بن عمرو هذا بل ضم مناطق لا يعتقد أنها كانت خاضعة لكندة قبل
غزو "شمر يهرعش" وهي البحرين والقطيف والإحساء لم يكن للحميريين ليغزوها لو لم تكن علاقتهم قوية بملوك كندة التي تشير إليهم النصوص ب"كندت" و"آل ثور" الذين كانوا يتواجدون في قرية الفاو والأفلاج في نجد
وكانت كندة ومذحج تذكر بأعراب سبأ وكانوا من "ركبم" و"أفرسم" والركبان هم
من يقاتل على ظهور الجمال والفارس هو من يقاتل على ظهور الجياد وأستطاع
هولاء الفرسان والركبان من مذحج وكندة إخماد تمرد قام في حضرموت كلف الحضارم خسائر فادحة وهذه النصوص دلالة على توافق تام بين الحميريين وكندة.
وتذكر كتب أهل الأخبار أن علاقة كندة بالمناذرة كانت علاقة شد وجذب فيظهر
تزاوج وإنسجام تارة وإقتتال وخصومة في تارة أخرى وتعلق كندة بالحميريين كان
له أثر سئ عليها. فعلاقة المناذرة كانت جيدة مع الفرس ولم تستطع كندة الصمود أمام المناذرة بعد سقوط الحميريين عام 525 - 527 ميلادية.
يعتقد أن شمر يهرعش توفي عام 330 للميلاد
وورد اسم "شمر يهرعش" لثلاثة ملوك حميريين هناك إجماع أن شمر يهرعش الثالث
حكم مع والده "ياسر يهنعم الثاني" ثم إنفرد بالحكم بعد موت والده. وشمر
يهرعش وياسر يهنعم هم "شمر يرعش" و"ناشر النعم" في كتابات أهل الأخبار
الذين "عربوا" أسمائهم وإختلقوا الأساطير وراء هذه التسميات بل جعلوه
معاصرا للملك سليمان وحاكما بعد بلقيس التي جعلوها حميرية
هذه الأخبار الموضوعة تثبت أن الإخباريين واليمنيين منهم تحديدا كانوا على
علم بماضي أجدادهم ولكنهم لم يستطيعوا قراءة رموز خط المسند وإعتمدوا على
قصص كبار السن المتوارثة والذاكرة الشعبية لتدوين هذا التاريخ وبالتأكيد
أضافوا إضافات من عندهم نتيجة التعصب والتحزب القبلي. خاض شمر حروبا في عسير ووادي بيشة ووادي ضمد
وأنزل خسائر بتلك القبائل التي كانت متعاونة مع الأحباش الذين إستغلوا
حالة إقتتال حمير مع سبأ لينزلوا أرض الجزيرة العربية. فتذكر النصوص أن
ضابطا من خولان أرسل إلى هذه المناطق وتعقب من حاول الهرب عبر البحر الأحمر وإحدى هذه القبائل قبائل عك الأزدية المعروفة وسبي حوالي 2400 شخص وبيعوا في أسواق العبيد في مأرب في نص دونه ضابط من خولان يشكر فيه إلهه المقه
أن مكنه من قطع رؤوس المتمردين وشفائه من جروح أصابت ساقه في هذه الحملة
ولإنه "شوعن" (وتعني عاون بلغة الحميريين) سيده شمر يهرعش وختم النص بأن
سأل الإله المقه أن يمن عليه بذرية ويرعاه ويحفظه في بقية الحروب التي
سيقودها لأجل حمير
تولى الحكم بعد شمر عدد من الملوك واختلف الباحثون في ترتيبهم إلى أن ظهر ملك حميري يدعى "أب كرب أسعد" وهو أسعد الكامل
في كتب الإخباريين الذين أضافوا في سيرته الشي الكثير. وبغض النظر عن صحة
ماأضافوه إلا أن ورود اسمه عندهم رغم الفترة الزمنية الكبيرة بين عصره
وعصرهم دليل على أهمية هذا الملك وورد في مسند الإمام أبي حنيفة النعمان أنه أول من ضرب الدينار تولى الحكم عام 378 ميلادية
وهو الذي أضاف لقب عبارة "أعربهم طودم وتهامة" أي "أعرابهم في المرتفعات
والتهائم" فأصبح اللقب الملكي عند الحميريين " ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت
ويمنت وأعربهم طودم وتهامة" وعثر على اسمه مدونا بخط المسند في موضع يقال له "مأسل الجمح" وهو في محافظة الدوادمي السعودية
اسمه موجود في حصن "مأسل الجمح" في المحافظة المذكورة أنفا وإضافة اسم
الأعراب كان لشعور هذا الملك الحميري بأهميتهم وبالذات بني كندة الوارد
اسمهم بجانب اسمه وقد بني الحصن ليكون موقعا لقوات حميرية تحمي القوافل
الخارجة من اليمن والعائدة إليه وهو موقع مهم يصل اليمن بنجد وشرق الجزيرة
العربية
ونص النقش يقول : أبكرب أسعد وبنهو حسن يهأمن ملكي سبأ وذي ريدن وحضرموت
ويمنت وأعربهمو طودم وتهمت بن حسن ملك كرب يهامن ملك سبا وذي ريدن وحضرموت
ويمنت. وترجمته :" أب أكرب أسعد وإبنه حسان يهأمن ملكا سبأ وذي ريدان
وحضرموت واليمن وأعرابهم في المرتفات والتهائهم إبنا حسان ملك كرب يهأمن
ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت واليمن" وفي النص دلالة أن "أسعد الكامل" كان
يحكم مناصفة هو وأخيه ابنا ملك سبأ حسان ملك كرب يهأمن وأشير إلى أنهما غزا
هذه الأرض بجمع من مأرب وحضرموت و"مقتوى" (ضباط) وجمع من صغار الناس من
قبيلتي علة من مذحج وسود وهي من نهد
وعاش هذا الملك فترة طويلة فهو تولى الحكم قرابة 378 للميلاد إلى جانب
والده حينها ويبدو أنه كان لايزال شابا يافعا وتوفي عام 430 ميلادية أو
بعدها بقليل فتكون مدة حكمه قرابة الخمسين عاما. وكان ملكا قويا ولذلك كثر
ذكره ولم تنساه الذاكرة العربية فقد ذكر الطبري أنه نزل الأنبار ووصل الصين وهي مبالغة بلا شك ولكنها إنعكاس للأثر الذي تركه ذلك الملك وقالوا أنه من أوصى القبيلة الخرافية المدعوة جرهم ولاية الكعبة والاهتمام بها وكل هذه الموضوعات هي للإيحاء بأن مكة ومقدسات قريش كانت مقدسة عند الحميريين كذلك.
توفي أبو كرب أسعد أو أسعد الكامل وتولى الحكم بعده ملوك اختلف الباحثون
في ترتيبهم وذكرهم بعض أهل الأخبار. وصل إلى الحكم ملك حميري يدعى "شرحب إيل
يعفر" (شرحبيل يعفر) وورد نص في عهده يشير إلى تصدع كبير أصاب سد مأرب مما
جعل الملك يستعين بعشرين ألف عامل لقص الأحجار من الجبال وبناء أبواب
ومنافذ جديدة لخروج الماء وصرف معاشات للعمال الذين قاموا بهذا الفعل في
شهر "ذو ثبتن" من عام 525 في التقويم الحميري الموافقة لعام 450 ميلادية وكان لذلك أثر سئ على كثير من القبائل التي تركت مواطنها خوفا من الموت
وللأسف لم يخبر النص عن أسماء هذه القبائل وفيه دليل على وجود أصل تأريخي
للروايات العديدة التي يرويها الأخباريون عن تهدم سد مأرب وتفرق سبأ ولكن
لايمكن الاعتماد على الكتابات كليا لما يشوبها من الخرافة والأساطير وإن
كان بعضها مشوبا بقليل من الحقيقة على رأي إدورد جلازر
ورد اسم ملك يدعى "عبد كلل" ولا شك أنه "عبد كلال" الموجود في كتابات
الإخباريين ولايعرف أكان ملكا بالفعل أم زعيم قبيلة ثارت على الحميريين
وكان مسيحيا وعكس كتابات الإخباريين التي جعلت مدة حكمه تزيد عن الستين سنة
فحكمه أو تمرده لم يزد على خمس سنين على رأي فلبي ويبدو أن المستشرق جون فيلبي
أو عبدلله كما سمى نفسه كان يحاول الربط بين روايات الإخباريين و"عبد
كلال" هذا فلايوجد نص صريح يشير إلى أنه كان مسيحيا أو "على دين عيسى" كما
يروق لأهل الأخبار توصيف مسيحيي اليمن ولايمكن الأخذ برواياتهم عن كونه ثائر ومضطهد لكونه مسيحي بسبب وجود المسيحية في اليمن آنذاك ولفظة "كرشتس" ابن الرحمن اليماني كانت تزين أسماء الملوك في هذه الفترة وورود اسم المسيح كإبن تفنيد لروايات أهل الأخبار أن المسيحيين في اليمن كانوا موحدين متبعين لمذهب التوحيد في الإسلام ولم يكونوا على مايعتبرونه هم "دين عيسى".
استمر حكم الحميريين بشكل مطلق وتعاقب على الملك ملوك مثل "شرحبيل يكف"
و"مرثد ألن" و"معد يكرب يعفر" وهناك اختلافات بين الباحثين في ترتيبهم
وأعدادهم إلى أن الإجماع أن سقوط حمير كان في عهد الملك اليهودي الذي كلفت
حملاته الكثير من الأرواح، الملك يوسف آزار أو ذو النواس الحميري كما عرف في كتب التراث والتاريخ العربية عام ميلادية.
0 comments:
Post a Comment